الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

و بقي منها حطام أنثى بقلم منال سالم

انت في الصفحة 45 من 62 صفحات

موقع أيام نيوز


وكادت تجلس إلا أنه إستوقفها بعبارته قائلا بعذوبة 
إيثار انا هنزل أجيب أكل قوليلي نفسك في إيه !
استدارت برأسها نحوه ونظرت له بعدم إكتراث ثم ردت عليه وهي تشير بيدها نافية 
لا شكرا انا هغير هدومي وادخل اعمل أكل لنفسي !
اقترب منها عمرو وحاوط كتفيها بذراعه وأردف قائلا بإصرار وهو يبتسم لها 
لأ هجيب أكل ومش هتعملي النهاردة .. بس قوليلي نفسك في إي

_ تنهدت إيثار بإرهاق عقب حركته المباغتة ثم تهدل كتفيها بحزن هي لم ترغب يوما أن يصل الحال بينها وبين أخيها لهذا الجفاف والرقود ولكنه من دفعها لكل تلك العدائية التي حملتها تجاهه ..
هي لم يعد لديها المزيد لتخسره ..
عليها اتخاذ هذا القرار الذي لم تتخذه منذ ثلاث سنوات ..
التفتت لتنظر له بعين الاشتياق وهي تقول بهمس 
هاتلي عسلية بس تبقى بالسمسم !!!
_ كانت رسالتها بالسماح والعفو عنه أكثر الأشياء فرحة وبهجة أرتفع نهديه بنفس عميق ثم احتواها داخل أحضانه لتسكن جوار نبضات قلبه المشتاقة إلى دفيء أخته الصغرى ..
أه يا حبيبتي كم اشتقت لحضنك الدافيء وروحك العذبة ..
انحنى ليقبل رأسها ثم حاوط وجهها براحتيه وهتف بفرحة جلية 
انا هنزل أجيبلك محل العسلية بحاله وأجي على طول
!
_ كانت تحية تقف على عتبة المطبخ لتتابع فلذتي كبدها ..
ابتسمت بسعادة وهي تراهما معا ..
رقص قلبها طربا لأول مرة منذ سنوات وتركت عبراتها تنسال عنها وهي تكفكفها ثم رفعت يدها لمولاها وهي تحمد العزيز الرؤوف على هداية حبيبيها لبعضهما مرة أخرى .. وهبطت ببصرها مرة أخرى لتتلاقى بعيني إيثار التي بعتث لها الأمل بنظرة واحدة فقط لكنها حملت الكثير من الحب والمسامحة ... .
......
عادت روان للتو من الخارج بعد أن قامت بشراء الكثير من الحوائج التي تنقص بيتها وأثناء صعودها الدرج شعرت بثقل الحقائب على يدها ووقفت للحظات تضبط أنفاسها اللاهثة من فرط المجهود فوجدته يظهر أمامها فجأة ..
أسبلت عينيها بحياء ثم تحركت للجانب لتفسح له الطريق ولكنه أشار لها لتصعد وهو يبتعد بخطواته قائلا 
اتفضلي يا آنسة روان !
ابتسم له روان بخجل وهي تصر على رأيها قائلة 
لا أتفضل حضرتك
رد عليها عمرو وهو يهز رأسه برفض شديد 
أبدا والله ما يصحش !!!
_ عضت على شفتيها بحرج ثم لملمت شتاتها وهي تصعد عدة الدرجات التي تفصل بينهما ..
وقفت على مقربة منه ورفعت عيناها بخجل نحوه لتطالعه بنظراتها المتأملة فلاحظت نمو بصيلات ذقنه والتي جملت من هيئته الحزينة فأطرقت رأسها وهي تقول بحزن شديد 
البقاء لله في والدك !
رد عليها عمرو بتنهيدة وقد خيم الحزن على وجهه من جديد 
البقاء والدوام لله وحده !
_ وقع بصره على الحقائب البلاستيكية العديدة التي تحملها ففكر سريعا في مساعدتها وبشكل تلقائي هتف 
تحبي أساعدك في حاجة
أجابته روان وهي تهز رأسها بنفي 
لا شكرا عن أذنك !
كادت تمرق من جواره ولكنها انتفضت بهلع .. بل ارتجفت پخوف كبير ...
نعم شعرت برعشة تسرى بأوصالها على إثر صوت أخيها وهو يهدر بها 
روان !!!
التفتت بفزع نحوه وتسمرت في مكانها مصډومة ...
أدرك عمرو سبب خۏفها وأسرع موضحا حسن نيته فتساءل بنزق 
ازيك يامالك 
هدر مالك پعنف متجاهلا حديثه له وهو ينظر حيال أخته الصغرى بنظرات مشټعلة 
بتعملي إيه عندك
ازدردت روان ريقها پخوف وأجابته وقد تلعثمت الحروف على لسانها 
آآ نا . !!!!
اقترب مالك منهما وهو يصعد الدرجات الفاصلة بينهما بخطوات ثقيلة ومسموعة وهو يحمل ابنته وقطعة قلبه و 
.
الفصل السادس والعشرون الجزء الأول 
صعد على الدرجات ونظراته تطلق شررا مخيفا .. إرتجفت منه واختفى لون وجهها الطبيعي وتبدلت تصرفاتها للخوف واﻹرتباك ..
ولولا حمله لصغيرته لكان اﻷمر قد تطور لعراك عڼيف .. فها هي اﻷيام تمر ويعاد المشهد مجددا ولكن مع أخته ورغم يقينه من حسن نواياها وتصرفاتها العفوية والبريئة إلا أنه أراد أن يرى ردة فعل عمرو حينما أصبح مثله في موقف لا يحسد عليه .. ..
فآنذاك لم يقبل هو بوجود علاقة من أي نوع بينه وبين أخته إيثار وتعدى عليه بالضړب وبالشتائم واﻹهانات .. واليوم هو يكرر خطئه مع صغيرته روان ..
أشار مالك لأخته بنظرات ڼارية مھددة وهو يأمرها بصرامة 
سيبي الشنط دي وخدي ريفان وإطلعي لفوق !
لم تقو على الرد عليه أو الإعتراض وزادت رجفتها منه وهي تتخيل إنفعاله وعصبيته عليها فمالك قد تغير كثيرا .. 
ونفذت أمره دون جدال ...
دافع عمرو عن موقفه قائلا بهدوء محاولا امتصاص شعلة غضبه 
محصلش حاجة يا مالك أنا كنت بأعرض مساعدتي عليها !
حدجه مالك بنظرات
محتقنة ورد عليه بنبرة غاضبة 
إنت بتردهالي 
ارتفع حاجبي عمرو للأعلى ونظر له مشدوها وهو يقول 
قصدك ايه 
أمسك به من تلابيبه وكز على أسنانه بقوة وهو يهزه پعنف ثم صاح بعصبية 
انت مصدقتنيش لما قولتلك أنا معملتش حاجة مع إيثار وخدت حقك مني عاوزني إزاي اسكت وأنا شايفك بعيني ب ... آآ
تصدى له عمرو وحاول السيطرة على نوبة غضبه وهو يقول بحذر مقاطعا إياه 
أنا غرضي شريف وآآ..
قاطعه مالك مهددا بنبرة عدائية ونظراته قد زادت شراسة 
أحسنلك تبعد عن أختي سامع ! أختي خط أحمر ومش هاقبل إن واحد زيك يقرب منها .. فاهم !
دار بخلد عمرو ذكرى نفس الموقف وتذكر كلماته المھددة والتي كانت مصحوبة بالضړب والسباب قبل سنوات عدة في المشفى ..
إنه التاريخ .. يعاد من جديد بعد أن تبدلت اﻷدوار .. 
هو اﻵن تفهم شعور المظلوم .. شعور من لم يرتكب ذنبا أو جرما شنيعا ليحاسب عليه بلا رحمة ... وتجرع من نفس الكأس التي أذاقها له ..
دفعه مالك بقسۏة للخلف ثم تركه وأكمل صعوده لمنزل عمته ميسرة بعد أن التقط الأكياس البلاستيكية ...
.. ....
أوصدت روان باب غرفتها على نفسها وجلست بالصغيرة ريفان على طرف فراشها ټحتضنها پخوف ..
تعلقت أنظارها بالباب وترقرقت العبرات في عينيها ..
هي لم تخطيء كانت مجرد صدفة أخرى جمعتهما سويا صدفة أحبتها وكادت تستمع بها لولا ظهور أخيها ففسدت الصدفة وفسد كل شيء ..
انتفضت فزعة في مكانها على صوت الدقات على بابها وزاد
تمسكها بالصغيرة وكأنها تحتمي بها

..
صاح
بها مالك بصوت مرتفع وغليظ 
افتحي يا روان !
احتضنت الصغيرة أكثر وترقرقت العبرات في مقلتيها وهمست پخوف 
ﻷ .. انت آآ... 
قاطعها قائلا بصرامة حينما استشعر رجفة نبرتها وخۏفها المبرر منه 
افتحي مش هاعملك حاجة !!!!
أجهشت بالبكاء وانتحبت بأنين خاڤت ... 
تساءلت ميسرة من الخارج بقلق بعد أن رأت عبوس ابن أخيها 
في ايه يا مالك 
أجابها بهدوء حذر 
مافيش حاجة يا عمتو أنا هاخد روان تعيش معايا 
استمعت من داخل غرفتها بقراره الصاډم فزادت في بكائها المتحسر ...
صعقټ ميسرة مما قاله توا .. وتساءلت بذهول وهي جاحظة العينين 
بتقول ايه !!!!
رد عليها بجمود 
مش هاينفع تستنى هنا !!
سألته بتوجس 
ايه اللي حصل عشان تقرر كده فجأة !!!
أجابها بهدوء دون أن تتبدل تعابير وجهه الصارمة 
مش هاستنى يحصل حاجة يا عمتو .. انا قررت وخلاص !
سألته بتوجس أكبر وقد تسارعت دقات قلبها 
مالك فهمني !
لم جيب عمته بل صاح بصوت قوي آمر 
روان ! انا عارف إنك سمعاني قومي جهزي شنطتك بهدوء قعاد هنا تاني مش هايحصل !!!!
استطاع سماع صوت بكائها من الخارج لكنه لم يجبر قلبه على أن يرق لها .. فهذا هو اﻷفضل حاليا لها ...
وها قد وأد أحلامها قبل أن تبدأ .. 
فحرمت جبرا من مشاعر رقيقة كانت تطفو بينها وبين شخص ظنت أنه حبيبها .. 

صعد عمرو إلى منزله ووجهه عابس للغاية ..
ناول شقيقته حلواها ولم يعلق .. تعجبت هي من تصرفه المريب وولج إلى داخل غرفته دون أن يعطي أي تفسير لكونه يتصرف بغرابة ..
هو أراد اﻹنفراد بنفسه ليفكر فيما جرى ..
جلس على طرف فراشه وانحنى بجذعه للأمام ليستند بمرفقيه على ركبتيه ...
حاسب نفسه على تهوره فيما مضى .. 
وشعر بتأنيب ضميره ..
هاهو يجرب بنفسه شعور المظلوم ...
وضع يديه على رأسه ليضغط عليها وتنهد بعمق بعد أن أخذ نفسا مطولا ..
هز رأسه للجانبين مستنكرا ما حدث ..
تنهد مرة أخرى بإحباط ونهض عن مكانه ليتجه إلى خزانته 
بحث عن سترته ليرتديها ويخرج ليفكر بتأني وبعيدا عن أي ضغوط محيطة من حوله .. 
وما إن وقعت عيناه عليها حتى إلتقطها بكفه وقبل أن يرتديها علق بأنفه رائحة غريبة ولكنها مميزة ..
هي ليست رائحته المعتادة هي رائحتها .. نعم إنها هي . .
رجفة قوية اصابته جعلت قلبه يخفق وتتسارع دقاته ...
ابتسم عفويا وهو يشتم سترته بعمق ..
رفض ارتدائها وفضل أن يحتفظ بها هكذا لتظل رائحتها باقية فيها ...
.......
ظل صامتا وهو يقود سيارته عائدا إلى فيلته ..
لم يعاتبها أو يحاسبها على ما حدث بل أجبرها على القدوم معه للعيش هناك .. هي مازالت صغيرة لا تدري ما هو اﻷنسب لها . 
وهي رضخت بإستسلام ﻷمره لم تستطع تحديه أو عصيانه .. فهو أخيها الوحيد وهي متيقنة من خوفه على مصلحتها .. 
جلست إلى جواره ولم تنبس بكلمة ... كانت تخشى الحديث إليه .
أطرقت رأسها خجلا واكتفت بتسليط انظارها على حجرها ..
ظل ينظر إليها بين الفنية واﻷخرى بنظرات جامدة محاولا سبر أغوار عقلها ومتابعة ردود فعلها .. لكنها كانت هادئة ساكنة مستسلمة لما فرضه عليها .. 
تنهد بصوت مسموع وقطع الصمت السائد بينهما بصوته الرخيم 
عاوزك تركزي في دراستك وبس !
أومأت برأسها دون أن تجيبه ..
فتابع قائلا بجدية 
كل اللي هتحتاجيه هاجيبهولك والعربية بالسواق هايكونوا معاكي لو خرجتي ! 
هزت رأسها بإيماءة خفيفة وهي ترد بصوت هامس 
طيب
أشاحت بوجهها للجانب لتحدق في الطريق وشردت في تلك الصدف العابرة في حياتها ..
هي إلتقت بعمرو في الحافلة ولم يعد ذلك الوقح الفظ الذي كانت تكرهه بل كان شخصا ينبع بالرجولة والمروئة ..
رأت في عينيه خوفه الصادق عليها وحيائه منها واحترامه لها .. وأعجبها ذلك الإهتمام الضئيل ممن كانت تبغضه فأشعرها بأنها جوهرة غالية ....
لم تشعر بنفسها وهي تبتسم بحزن على ذكرى سريعة مضت .. ولن تتكرر .. فقد قضي الأمر .. وحكم على نبتة حبها بالمۏت ...
..
لم تتوقع أن تعاملها والدتها بتلك القسۏة .. ألا يكفيها ما ذاقته لتزيد هي من آلمها ...ولكنها تستحق هذا فهي من جنت على نفسها وأثرت هذا العريس عن غيره وأصرت عليه بإلحاح شديد ..
نظرت لها إيمان بإزدراء وهتفت بها بجمود 
أنا نازلة شوية ومش هتأخر
ردت عليها سارة بخفوت 
اوكي يا ماما
تابع إيمان قائلة بجدية
أبوكي هيرجع كمان ساعة من عند المحامي هيحاول يشوف صرفة في موضوعك ده
ردت عليها بإيجاز 
ماشي
حدجتها إيمان بنظرات طويلة حادة وأكملت بضيق 
يا ريت تراجعي نفسك وتعرفي إن اللي عملتيه مكانش صح
انزعجت سارة من حديث والدتها اللاذع
 

44  45  46 

انت في الصفحة 45 من 62 صفحات