رواية جوهرة بين اغلال الشيطان بقلم مني ابو اليزيد
أشتغلت هنا ده لو اتفقنا أصلا
استعدت حنان للعمل الجديد بعد أن تركت المطعم القديم ولحقت بمطعم آخر يناسب مواعيده مع أبنها اتجهت إلي أحد الطاولات بخطوات ثابتة محافظة على جفاف ملامحه من شتى التعبيرات وقالت بنبرة رسمية وهي تمد يدها للأمام بقائمة الطعام
أتفضل
هز رأسه بالنفي دون أن ينظر لها ثم هتف بخنق
أنا عارف هطلب إيه
تحت أمر حضرتك
عايزك
سيطر الشړ على ملامحها عندما اخترقت أذنيها كلمته التي تشبها رفضت تلك الوصف وأنها تصبح تباع وتشتري حدقت بمقلتيها المشټعلة بالنيران عليه أطلقت
للسانها العنان ليبوح بالڠضب
أنت قليل الأدب
حينها ظهر وجهه لها ليبث الخۏف والتوتر داخلها رد عليها بثقة
دب الخۏف يسير مع دمائها مع ضربات قلبها غير منتظمة حاولت جمع ستات نفسها لكن الفشل حوطها فقالت بتعلثم
سنان
أومأ رأسه بتأكيد بابتسامة مرسومة على ثغره
اها سنان جوزك أقصد طليقك
جزت على أسنانها من الغيظ سرعان ما تبدد حالها من الخۏف إلي التحدي قائلة
مهما تعمل مش هرجعلك أنت شيطان في صورة بني أدم عن أذنك أشوف حد تاني يشوف طلبك
قوليها تجيلي على المكتب حالا
أومأت رأسها على مضض دون رد وعادت تنظر له بأعين تنبض حدة قبل أن تتجه إلى صاحب المطعم وقفت أمامه شابكه الأيدي لبعضهما البعض هوى قلبها إلى قدميها واحمر وجهها خوفا لا تعلم ماذا يريد وكيف تفعل إذا سألها عن ما حدث وقالت
تحت أمر حضرتك
ياريت اللي شفته النهاردة مع الزبون مش يتكرر تاني وإلا هرفضك أنا مش عايز أقطع عيشك
كادت أن ترد عليه لكن هربت الكلمات من لسانها عند رؤيته ها هو الذي حدثت معه خلاف بسبب أبنها فقالت پصدمة
أنت أزاي هنا أنا قبلت
قطع حمزة حديثها بسرعة ثم هتف
ما عليها إلا الطاعة أجبرت على كل شيء منذ اللحظة التي وافقت فيها على زواج من سنان يليه اكتشافها لحقيقته دفعت الثمن مرات كثيرة ومازلت الستار الأسود هو لون حياتها والغبار و الأتربة مليئه به
اندفعت جوهرة خارج البيت التي تسكن فيه ظلت تتفوه بكلمات مكتومة عندما صمم والدها العمل مع أصيل الشاذلي وعدم أخباره بزيارة جده له صعدت السيارة بوجه ملئ القهر التي أرسلها أصلان الشاذلي معها لتجلب ما تريده شعرت كأنها قطعة جماد تتحرك كما يريدوا لم تجد غير حل واحد حتى لا يغضب عليها والدها سوف تنفذ ما تريد وفي نفس الوقت تتحرر من خروج القصر دون اعتراض من والدها
رمقتها بنظرات تعجب تناثر الڠضب منها لتصيح عاليا
هو فين البيه صاحب القصر اللي عامل فيها مؤدب
بتحب الهدوء يا سلام خليك مع الهدوء وأمشي أنا وشوف حد غيري يشتغل
كادت أن ترحل لكنه مسك يدها بتلقائية أمعن بصره عليها بتحذير قال وهو يضغط على كل حرف من شدة الغيظ الذي احتل كيانه
بصي بقي أحنا أتفقنا وقولت لك على التعليمات المطلوبة منك واحترمت رأي باباكي لما قال مش هينفع تسبيه كل يوم لوحده ولازم تباتوا هنا متجيش دلوقتي تقولي مفيش شغل في إتفاق ما بينا
جهرت شفتاها بفتحة عارمة من تلك الصدمة نظرت إلي يديه الممسكة بيدها دون حق برزت ملامح الشړ على ملامحها لتفيض به
أنت أتجننت أزاي تمسك أيدي
صمتت لبرهة و أشارت إلي الفتاة الواقفة بجواره ثم أضافت قائلة
أنا عارفة ربنا مش زى أي واحدة من اللي
قطع حديثها لتتوقف عن استكمال حديثها ثم غمغم بقوة
دي مرام خطيبتي وياللي بتعرفي ربنا ده اسمه سوء الظن و سوء الظن غلط
تذكرت قول الله تعالي
يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه مېتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم
سورة الحجرات
كست ملامحها بالندم رددت الاستغفار أكثر من لعل الله أن يسامحها على ما بذر منها بينما تدخل سعد في الحديث قائلا
خلاص يا ولاد أنا تعبان مش قادر أقف كل اللي حصل سوء تفاهم
أفسح أصيل المكان لكي يولجا للداخل وقال بنبرة عادية
أتفضل أقصد أتفضلوا
قوس فمه بابتسامة انتصار بينما رمته جوهرة بنظرات استحقار من داخلها قررت أن ترد صاع صاعين
عامل إيه يا حمزة
ارتسم ابتسامة مجاملة على ثغره ثم رد عليها
الحمد لله
اختصر الكلام عليها لم يسأل عليها لا يهم لمشاعرها أي شيء كانت تتمني أن يحدثها ويفتح معه المجال لكن الحياة لا تتم على هوانا لم تجد سوي فتح المجال معه لتشعره بوجودها قدر ما تستطع
أنت هتفضل عايش لوحدك كده علطول
لوح يده بعدم اهتمام عادت ذاكرته بالماضي منذ سنوات وهو يعيش بمفرده بعد ۏفاة والديه ولم يملك أخوه فقال بحزن نابع من صدره يستطيع أن يشبع العالم
تعود على الوحدة خلاص يا بسنت وبعرف أعمل كل حاجة لوحدي حتى الأكل
لمح طيف الحزن سيطر على ملامحها أراد أن ينتشلها لو بقدر قليل فأردف قائلا
ده من شطارتي في الأكل فتحت مطعم
ربنا يرزقك عن أذنك
خرجت مرام من القصر فرش وجهها بقشر البرود بعد أن تخلصت من الوجه البرئ المتصنع صعدت سيارتها بسخط كادت أن تقود السيارة منعها صوت رنين الهاتف المحمول الموجود داخل السيارة خاصة عند زيارتها إلي أصيل الشاذلي ضغطت على زر الإيجاب وهتفت
سنان
طمنيني
ده اللي همك مفيش أزيك
مرام أحنا مش عيال
الخطة ماشية زى ما متفقين
حلو في جديد
مفيش غير بنت غلبانة هتشتغل طباخة
ما حلو مصلحة
أنت كل اللي همك الشغل الژبالة ده
ما الشغل ده هو اللي بيأكلك مش هتبقي أنت و حنان عليا
الشغل ده اللي ضيع مني أ
قطع حديثها قائلا پعنف
مرام أنسي عشان نعرف نشتغل مع بعض زى زمان
تمام لو في جديد هقولك
شوفي ظروف الطباخة الجديدة يمكن نعرف ناخد أي حاجة التلاجة بقت فاضية
حاضر يا دكتور
مش بحب منك دكتور بتحسيسني إن جزار معندوش قلب أنا بساعد عزريل في مهماته وأستفاد أنا بالفلوس لولا تجارة الأعضاء مكنش يبقي حلتنا حاجة
لم تستطيع جوهرة الولوج إلي غرفتها طوال اليوم راجع إلي شغلها في المطبخ وترتيبه كما تحب حملقت في الحجرة شعرت بأنفاسها تضيق اللون الأسود لا تحبه وجدت زخرفة الحجرة والفرش باللون الأسود حقا لقب المظلم يليق به قالت بتعجب
هو كل حياته كئيبة كده
ربت سعد على كتفها حاول أن يجعلها تطمئن لو قليل للمكان فغمغم بثقة
أكيد في حاجة حصلت
تحمست لتلقي عليه
سؤالها الذي يلح عليها فقالت متسائلة
بابا أنا عايزة أعرف
جده كان
عايز إيه وليه
مش عايزني أجيب سيرة
مفيش حاجة هو كان جاي يقنعني أسيبك تشتغلي مع حفيده وكان لازم أجي معاكي عشان متبقيش لوحدك وأنت عارفة مش هقدر أروح وأجي كل يوم
أقنعت إلي حد ما بحديثه لكن المكان مازال سبب ضيق هتفت بعدم رضا
طيب أنا بحب الألوان وده بېموت في الأسود
رد عليها بجمود
ده شغل
يا جوهرة وأنت هنا في أوضك بعيد عنه
ظلت كلماته تدور في عقلها بتمعن واضح اندفعت للخارج على أمل أن تجد أي لون أخر جاب بصرها باب أبيض اللون بلعت ريقها بتوتر شديد وهي تقترب منه أمسكت مقبض الباب وضرباب قلبها تزداد بسرعة رهيبة فتحت الباب على مرصعيه باغتت عندما وجدت الحجرة ملونة بل الغرفة تكاد تكون ملك لطفل الرسومات الكرتونية موزعة على الجدران الاثاث مخصص للأطفال وقفت لفترة من الوقت لا تعلم كم
عددهم
بعد فترة عادت إلي رشدها حركت عينيها على خزانة الملابس جاء في ذهنها أنها تجد أي شيء ملون داخلها فتحتها دون أن تنظر اتجاه الباب أخرجت فرش فراش ملون مخصص للأطفال منها أغلقت الخزانة متجه عند الباب شاهدته يقف أمامها عينيه تحتل براثن ڠضب تأملها بهدوء ما قبل العاصفة
أنا أنا كنت عا
لا يشعر بأي شيء حوله غرق في عالم الذكريات أغلق عينيه ليستمر أطول فترة ممكنة مع ذكرياته السابقة حتى انتهت في صورتها اللعېنة هدر پعنف
أنت إيه اللي جابك هنا
تسارعت ضربات قلبها عن المعدل الطبيعي بسبب نظراته الڼارية الممدودة عليها رغم هذا حاولت أن تبدو جامدة قائلة
ما أنا بقولك كنت عايزة حاجة أفرشها على السرير تكون ملونة وأظن دي أوضي من حقي بقي وملقتش أوض ملونة غير دي
جذب منها الفرش الممسكة به ضمھ إلي صدره كأنه يضم الطفل الذي ينام عليه لمعت أهدابه بالعبرات حاول مسك نفسه قدر المستطاع رفض ظهور نقطة ضعفه لكن تلك الفتاة جعلته يهتف باسمه بعد الوعد الذي قطعه على نفسه أن يهتف باسمه بعد أن يأخذ حقه
متلمسيش حاجة تخص علي تاني
دون تفكير في الأمر سألت سؤال جعلت تيار جارف من الحزن سيطر على كيانه
مين علي
رد عليها بعبوس
وأنت مالك أستني هنا دقيقة
وقفت منتظراه بشغف حركت عينيها في كل أرجاء الحجرة على أمل أن تجد صورة لذلك الشخص الذي يدعي علي باتت محاولتها بالفشل الحجرة فارغة من الصور فجأة ظهر أمامها ممسك بفرش أخر ملون كست
تعبيرات وجهها بالاندهاش هاهو يملك الألوان سيطر على عقلها المئات من الأسئلة لكل سؤال جواب والإجابة لا توجد إلا عنده فحاولت تسأل سؤال
ما أنت عندك ألوان أهو ليه حياتك كلها سوده وبتقول على نفسك المظلم
نفخ من الضيق أراد التخلص منها فردد بيأس
ملكيش دعوة شيء ما يخصكيش
تلقت أهانة منه أرادت أن ټصفعه له لكن بطريقتها التي لا يجوز لأحد أن يخطئها فيها
النفخ مكروه وحرام لما تنفخ لأهلك عشان ربنا قال في قوله تعالي فلا تقل لهما أف الإسراء
جز على أسنانه من الغيظ تلك الفتاة تبحث عن أخطائه لتلقنه درس قاسې مقابل تحدثه معها بطريقة لا تعجبها رحل من أمامها وهو يتحدث بتحذير
أطلعي بره الاوضه وأخر مرة أشوفك هنا ممنوع حد يدخل هنا والأوضة اللي بنام فيها
وضعت إبهامها في فمها تفكر في هذا الشخص الذي ڠضب من دخولها الحجرة فقط بينما صمت ولم يصدر أي فعل على طلبها للألوان
المفتاح في مكانه ويحيي نايم
ربتت على كتفها برفق تبث الاطمئنان داخلها بقولها
متقليش عليه لو كنا في الصيف كنت قولت لك هاتيه بس حرام يبرد
لولاكي مكنتش هعرف هعمل