جوازة نت بقلم منى لطفى
بعد ما نخلص مشاويرنا انا عموما وصيت أم محمود وانت عارفاها مش هتعرفي تخلصي منها
رنين متواصل لجرس الباب جعل منة تقوم من فراشها وهي تتساءل ترى من القام واين أم محمود لتتذكر أن أم محمود أخبرتها أنها ستذهب لابتياع بعض اللوازم من السوق
اتجهت منة لترى من الطارق وقد تناولت وشاحا وضعته على شعرها كيفما اتفق فظهرت بعض الخصلات لم تنتبه اليها تمتمت منة في سرها أنه لا بد ان الطارق زياد ابن جارتها هدى والذي دأب على القدوم للعب مع ابنتيها فتحت الباب وهى تقول بابتسامة
يا ترى مين زياد دا يا منايا هتفت منة غير مصدقة عينيها
تركها
الحلقة الثانية عشرة
دفعت منة صدر سيف بقوة فتركها رغما عنه وما إن تحررت من قبضته حتى رفعت يدها لتهوى على وجهه بصڤعة مدوية من دون شعور
يا ترى القلم دا خلاكي تهدي
نظرت إليه منة بشرارات ڼارية تتراقص في مقلتيها وتحدثت پغضب
اقترب سيف منها بضعة خطوات حتى وقف على بعد إنشات قليلة منها وأجاب بصوت منخفض
مسيرك هتهدي يا منة بس وإنت في بيتي وبناتي في حضڼي أنت عارفاني كويس أوي عمري ما بزهق بسهولة وفي موضوع انت وبناتي طرف فيه يبقى عمري ما هزهق خالص أنا غلطت واعترفت ما أنكرتش توبت واستغفرت ربنا كتير إذا كان ربنا بيسامح ويقبل التوبة إنت مش عاوزة تسامحي ليه
علشان أنا إنسانة عادية أنا مش ملاك اللي انت عملته دا شيء بشع انت فاكر الموضوع بسيط ايه واحده عرفتها وسيبتها علشان بيتك ومراتك وخلاص لا يا باش مهندس ما سألتش نفسك الجواز اللي بينكم دا مدى شرعيته إيه
أجاب سيف بابتسامة ساخرة بينما حمل صوته دهشته من سؤالها
شرعية إيه بقولك دا نت يعني كدا وكدا لعب في لعب من الآخر فين الشرع اللي في دا عاوز أفهم أنا
علشان فيه حاجه بسيطة اوي تاهت منك يا أستاذ نظر اليها سيف بتساؤل وترقب في حين تابعت هي بجدية بالغة
الورقة اللي انتو كتبتوها بينكم ع النت اتشيرت لناس كتير أبسط مثال لاصحابك مثلا واصحابها يعني إشهار تقدر تقولي ما فكرتش ولو ثانية انه جوازة ال نت اللعبة دي قلبت جد ما جاش في بالك الکاړثة اللي حصلت المفروض أساس الجواز الاشهار بدليل ايام الرسول عليه الصلاة والسلام ما كانش فيه
لا ورق ولا حاجه بيعلنوا عن الجواز بالدف وولي العروسة يقبل زواج العريس وفي ايامنا دي لسه في مناطق زي البدو في سينا مثلا لا فيه مأذون و لا ورق ولا يحزنون تقدر تقوللي ما فكرتش انك دلوقتي فعلا متجوز انسانه ژبالة زي دي انا مش هقول مثلا لو جالها عريس يبقى هي وضعها ايه متجوزة ولا لأ لأنه واضح انه مش هيكون فارق معاها لأنها واضح بردو أن الحلال والحرام دا آخر حاجه ييجي في بالها انها تفكر فيها صمتت قليلا بينما تسمر سيف في مكانه غير مصدق لما يسمعه منها بينما تنهدت منة بعمق وتابعت بأسى
الموضوع للأسف عبارة عن کاړثة بجميع المقاييس يا سيف وأنا مش عاوزة أدخل لا أنا ولا بناتي المعمعه دي علشان كدا يا ريت تقتنع أنه فعلا ما فيش غير حل واحد بس
نظر اليها سيف بنظرات سوداء وسألها بهدوء بينما ڤضحت توتره اختلاجة عضلة فكه
اللي هو
أشاحت منة بعينيها بعيدا وأجابت بخفوت
الط ليصدح صوته آمرا بقوة وهو يقطع المسافة التي تفصلهما في خطوتين اثنتين واقفا أمامها يقول بحدة آمرأ
إياكي شوفي إياكي تنطقيها انسي الفكرة المچنونة اللي في دماغك دي وجواز صح ولا غلط دي مش مشكلتك دي مشكلتي أنا وأنا اللي هحلها وحاجه أخيرة يا منة
أنا مش هسيبك لا انهرده ولا بكرة ولا حتى لو فضلتي بعيد عني عشر سنين انتي مراتي وأم بناتي وانتي وهما كل حياتي فياريت تدخلي الكلام دا في مخك الناشف دا لأني لما هآجي المرة اللي جاية هآجي علشان ترجعوا بيتكم
بوسيلي هنا وفرح وقوليلهم بابا جاي قريب اوي علشان ياخدنا ونرجع بيتنا تاني فاهمه
يا منة
لم يدع لها المجال للأجابة وانصرف مسرعا صافقا الباب خلفه في حين جلست هي على المقعد وراءها وهي تشهق بغصات بكاء حار بينما سالت دموع غزيرة تغسل وجنتيها الشاحبتين
سافرت عائلة منة الى الاسكندرية حيث الخالة سهام صممت الأخيرة على استضافة عائلة شقيقتها كاملة في منزلها السكني وعندما تعللت عواطف باستحالة ذلك نظرا لضيق المكان مقارنة بعددهم فهي ستصطحب معها منة وابنتيها واحمد وزوجته وابنته وطبعا خلافها هي وزوجها ولكن سهام أخبرتها بأن النساء سيمكثن في منزلها بينما الرجال سيمكثن في شقة نادر التي تعلو شقتها
كانت منة تسير بمحاذاة الشاطيء تاركة ابنتيها تلهوان مع ابنة أخيها مرام تراقبهن إيناس بينما أحمد يسبح في مياه البحر الفيروزية كان هواء البحر المحمل برائحته العبقة وجهها الفتي بينما يتطاير طرف وشاحها الحريري فغدا كشلال من اللون الابيض يتناثر حولها مما أكسبها جمال أخاذ جعلها كلوحة تحبس الانفاس لروعتها التي تخلب الألباب وقفت أمام شاطيء البحر تتأمل أمواجه المتلاحقة وشردت في حالها هي في الاسكندرية منذ يومين ولا تعلم شيئا عن سيف كما أنها لم تخبره عن سفرها هي والبنات برفقة عائلتها ولم يفاتحها أحد من عائلتها بشأنها هي وسيف فشكرت لهم امتناعهم هذا حتى تستطيع جلاء عقلها والتفكير بروية بأمرها هي وسيف وكلما مر الوقت وأمعنت في التفكير تجد أنه لا مناص مما منه بد فستظل الكلمات التي قرأتها وما شاهدته من لقطات أمام عينيها حتى عند أغماضهما فإن ما علمته يرتسم أمام مخيلتها وبكل وضوح
البحر أفضل كاتم أسرار لما بكون متضايق ما بلاقيش غيره أفضفض له ويشور عليا أعمل ايه
التفتت منة الى محدثها والذي لم يكن سوى نادر ابن خالتها
ابتسمت منة وأجابت برزانة
دي فلسفة شكلك بتحب البحر أوي
وقف نادر بجانبها ونظر الى البحر الذي تتهادى أمواجه أمامه وأجاب بهدوء
البحر الوحيد اللي بيسمع لي من غير ما يزهق بحس أنه بياخد ويدي معايا في الكلام البحر هو الوحيد اللي مخذلنيش حبه يبقى طبعا لازم أحبه
ابتسمت منة وقالت وهي تهم بالابتعاد
يا بختك بصديق زيه
سار بجانبها وتكلم وهو يتوخى الحذر
منة أنا مش هدخل في حياتك إنت وسيف خصوصا وأنا معنديش فكرة عن ايه اللي حصل بينكم لكن احساسي بيقوللي انه حاجه وحاجه كبيرة اوي كمان على فكرة انا ماصدقتش خالتي لما بتقول انك جيتي معهم علشان احمد موجود وانه سيف عنده شغل فعلشان كدا معرفش ييجي سيف مش ممكن يسيبك تيجي انت والبنات لوحدكم وخصوصا إنتي من سابع المستحيلات انه سيف يسيبك تبعدي عنه ثانية واحده دا طبعا غير الحزن اللي انا شايفه مالي عينيكي
أجابت منة وهى تواصل سيرها بابتسامة صغيرة
حكيم عيون حضرتك ثم تابعت حديثها بعد أن زفرت عميقا
بص يا نادر أنا مش هكدب ولا ألف وأدور طبيعي انه أي زوجين بيمروا بمشاكل في حياتهم بس المهم إيه هي نوع المشاكل دي ويا ترى ايه هو الحل الصح ليها تقدر تقول اني جيت هنا علشان أعرف افكر من غير أي ضغوط المهم أني أقدر
أوصل لحل مشكلتي مهما كان صعب الدوا طعمه بيبقى مر بس لازم الواحد ياخده علشان يخف ادعيلي انه ربنا يهديني للدوا الصح
قال نادر وقلبه الخائڼ بدأ بالطرق بقوة بين جنبات صدره فمعنى كلامها أن علاقتها بسيف تواجه منحنى صعب قد يكون من الصعب اجتيازه ولكن لينهر عقله قلبه أنها قد أخبرته ان أي زوجين يواجهان الكثير من الخلافات ولا يعني هذا بأي حال من الأحوال صعوبة استمرار زيجتهما ولكن رفض قلبه العاشق الانصياع لحديث العقل نفض عنه أفكاره وقال بابتسامة حانية
طيب ممكن توعديني أنك لو احتجت أي حاجه أو عاوزة تاخدي رأي حد في مشكلتك انك تقوليلي
ابتست منة واجابت
أكيد يا نادر انت معزتك من معزة أحمد اخويا بالظبط
وهمت بالسير بخطوات واسعة تاركة نادر وقد أصابه الوجوم من جراء تصريحها الأخير بأنه بمعزة شقيقها ولكنه نهر نفسه پعنف من السقوط في فخ الرثاء للنفس وقال محدثا حاله بعنفوان
وانا موافق اني أكون زي أحمد بس لو حصل وحكايتك مع سيف
خلصت يا منة تأكدي انه في نفس اللحظة دي حكايتنا أنا وأنتي هتبتدي أنا مش ممكن أكرر غلطتي تاني أبدا وأسيبك تضيعي مني أنا زي ما يكون قلبي حاسس ولغاية دلوقتي ما اتجوزتش ورافض أي عروسة أمي تقولي عليها زي ما أكون مستنيكي
لحق نادر بعد ذلك بمنة ليسيرا جنبا الى جنب متجهين حيث يتجمع الآخرون
عاد الجميع الى المنزل للاغتسال وتغيير ثيابهم ثم دعاهم نادر لتناول الغذاء خارجا ولكن ما ان انتهى الاطفال من الاغتسال حتى سارعوا مطالبين بالطعام لشعورهم بالجوع فقد لعبوا كثيرا في مياه البحر ما أن قامت كلا من ايناس ومنة باطعامهم حتى غرق الاطفال في سبات عميق وفضل كبار السن تناول الغذاء بالمنزل وأخذ قيلولة بعد ذلك فلم يذهب لتناول الغذاء سوى الشباب احمد وايناس ومنة و نادر
كانوا ملتفين حول مائدة الطعام بأحد المطاعم الشهيرة المطلة على شاطيء البحر والمشهورة بمأكولاتها البحرية اللذيذة قضت منة وقتا سعيدا ولم تكف عن الضحك على الطرائف والمواقف المضحكة التي كان نادر يرويها لهم مما يصادفه في عمله
قال احمد من وسط ضحكاته
بس يا نادر خلاص بطني مش قادر انا عارف انت قاصد تضحكنا علشان بطنا توجعنا فما ناكلش كتير
أجاب نادر مبتسما بينما يرنو ببصره الى سالبة قلبه ومهجته وكله فرح أنه هو من جعل الضحكة تعود ثانية الى شفاهها القرمزية
لا يا حبيبي كل براحتك ولو عاوز تطلب اكل ناخده معانا كمان واحنا مروحين ولا يهمك
احمد باستحسان
كمان دا إيه الكرم الحاتمي دا
نادر بابتسامة
علشان تعرف بس ثم أولى انتباهه الى منة قائلا
صحيح يا منة ابن خالتك ربنا فتحها عليه وبدال الشغل في مكاتب الناس قدرت وبفضل الله اني ألم قرشين