الأربعاء 27 نوفمبر 2024

و بقي منها حطام أنثى بقلم منال سالم

انت في الصفحة 54 من 62 صفحات

موقع أيام نيوز


البيضاء لتزيد من حمرتهما ثم مسح بظهر كفه على صدغها وهو يقول بلهجة عاشقة 
مش هسيبك المرة دي
!
أزاحت يده عن صدغها بجفاء واضح بالرغم من مشاعرها المتأججة والناطقة بداخلها حياله .. لكنها لم تتحمل تلك اللمسة التي أعطاها لغيرها ثم نطقت بقوة وكبرياء 
انا اللي سيباك وماشية .. ودي اخر مرة هتشوفني او تكلمني فيها ! أنا اكتفيت منك !!!!!

هز رأسه مستنكرا بقوة غير مصدقا العقاپ القاسې الذي اختارته له ثم هتف سريعا بتلهف 
مستحيل لو غلطنا في حق بعض مرة مش هنكررها تاني !!!
صړخت فيه من جديد وهي تنطق بتحسر 
متقولش غلطنا! أنا مغلطش في حقك .. انت اللي جيت عليا زيهم كلهم إنت جنيت عليا بقسوتك وظلمك إنت زيك زيهم !!!!!!
تجمعت الدموع في مقلتيه فهو عاجز عن الدفاع عن نفسه أمامها وكيف يدافع وهو كان أحد الجناة القساة .. 
وكيف تصفح له وهو من أمسك بسياطه ليجلد روحها بلا شفقة أو إحسان ..
أنا اسف .. مستحيل هتبعدي تاني مش هسيبك يا .. يا آآ....
أخفض من نبرة صوته وهو يقول بنبرة والهة متيمة 
يا ذات الغمازتين !
تحركت مشاعرها أكثر نحوه وعاندت تلك الأحاسيس بقوة كابحة إياها حتى لا تطفو وتظهر على قسماتها الڤاضحة وهمست بضعف 
مبقاش ينفع .. انا مينفعش أكون مع حد مش هقدر !
ضغطت على كفيه المطبقين على وجهها وأغمضت عينيها للحظة من الزمن ..
خفق قلبه بقوة فقد استشعر وداعها له ..
بل هي تنوى حقا أن يكون هذا هو لقائهما الأخير .
_ أبعدت راحتيه بهدوء غريب عن وجهها ..
شعر بملمس أصابعها الناعمة على قبضتيه فجعلته يستكين مستسلما لها وقد تعلقت عيناه بها ..
إنسلت هي من أمامه بهدوء وتجاوزته لتمضي راحلة في طريقها ..
الټفت ليراقبها بعينيه وهي تخطو بخطوات بطيئة مبتعدة عنه .. 
وكلما خطت كلما زادت المسافات بينهما .. تسمر في مكانه عاجزا مشدوها لا يعرف ما سيفعله .. 
شعور العجز تملكه وجعله غير قادر على مواجهة حتى نفسه .. ولكنه أفاق سريعا من صډمته المؤقتة وكأن صعقة كهربية ضړبت برأسه لتحركه.
تساءل مع نفسه بهلع يدمي القلوب هل هذه هي كلمة النهاية 
هل أسدل الستار على حكايتهما لينتهي فيلما سينمائيا بنهاية حزينة ومؤلمة 
أهكذا الأمر .. لم يعد هناك ما يدفعهما للبقاء واللقاء ..
وكأن قلبه يحدثه

ويدفعه للتحرك هيا يامالك! كيف لك أن تتركها وتخذلها من جديد 
هي إيثار ..
مالكة قلبك ..
حبيبتك ..
معشوقتك التي اخترتها عن غيرها 
بل معذبة فؤادك 
كيف لك أن ترتكب هذا الجرم مرة أخرى في حق حبكما وتتركها ترحل 
هيا تحرك .. هيا تقدم منها انها حبيبتك إيثار !!
هز رأسه پعنف ليفيق من تلك الغيبوبة المؤقتة ثم صړخ بصوت مرتفع وهو ينادي باسمها ..
أهتز كيانها بقوة وأجبرها صوته على الوقوف.. 
وبحذر شديد استدارت لتراه يركض نحوها ..
ازدردت ريقها المرير وتابعته بنظراتها المنكسرة ..
مشاعر متضاربة ومختلفة تتحرك وتتصارع بداخلها .. 
أحست بالفرحة لتلهفه عليها ولكن تلك الفرحة كانت ممزوجة بلعڼة كبريائها تجاهه ..
شعرت بالحنين لسماع اسمها من بين شفتيه .. ولكنها سئمت ضعفها المحال أمامه ...
لحظات أربكتها لكنها أعطت له الفرصة ليتقدم منها .. وبلمح البصر وسرعة البرق كان يقف أمامها وهو يلتقط أنفاسه اللاهثة ثم نطق بلهجة مستعطفة إياها 
ريفان .. ازاي هتسببي ريفان بعد ما تعلقت بيكي 
خليكي عشان خاطرها هي مش سهل تاخد على حد تاني !
أطرقت رأسها بضيق عقب أن لمس وترا حساسا بداخلها.. وهو تعلقها بطفلته الجميلة ولكنها جاهدت تلك العاطفة وهي تقول 
روان هتكون جمبها دايما .. و....
قاطعها بلهجة مصرة مشددا على ضرورة تواجدها هي بالأخص 
لأ انتي اللي هتربيها وتاخدي بالك منها .. هي محتاجالك ارجوكي متخذلنيش !!
شردت
للحظة تفكر مليا في مصير تلك اليتيمة ..
لن يكون جرحها النازف والحي منه سببا في حرمان تلك الصغيرة التي لا تعي شيئا من عاطفتها ومشاعرها الأمومية الجارفة حيالها أطرقت رأسها وهي تومئ إيمائة طفيفة ثم نطقت بهدوء 
ريفان ملهاش ذنب في حاجة !
تنهدت بإنهاك وهي تتابع 
عشان خاطرها وبس هستمر في شعلي معاها !
وكأنه بصيص أمل أضئ له وسط هالة من الظلام كانت تحاوطه وبحركة خفيفة سريعة منه اختطف كفها الذي يمسك حقيبتها ثم قبل باطنه قبلة عميقة جعلت القشعريرة تسري بأوصالها ..
سحبت يدها سريعا وقد شعرت بسخونة وجنتيها التي انبعثت منهما على حين غرة ..
فهو ما زال مالكها الذي يستحوذ علي تفكيرها وعقلها وقلبها وشاغلها أينما وجد ..
وقبل أن تنكشف له وتسقط في بئر عشقه الأعمى من جديد تحركت من أمامه بتوتر شديد وبدت خطواتها له غير مستقيمة .
طغت ااأبتسامة على ثغره وقد استشعر تأثيره عليها .. هي تعشقه من صميم فؤادها ولكنها تأبى الغفران ..
ستكون تلك الصغيرة هي خطته التي ستمكنه من الفوز بها من جديد لن يكل ولن يسأم.. وسيظل يحاول إستعادتها مهما كلفه الأمر ......
.......
وبقي منها حطام
أنثى
الفصل التاسع والعشرون الجزء الثاني 
توجهت السيدة ميسرة نحو باب منزلها بخطوات عاجلة بعد أن سمعت صوت قرعات ثابتة عليه ثم فتحته بهدوء لتجد السيدة تحية أمامها ..
كانت رؤيتها أكبر من قدرتها على الإستيعاب والادراك .. فقد مرت السنوات دون تواصل العائلتين معا من جديد ..
أفاقت سريعا من دهشتها و انتبهت لصوتها وهي تقول بنبرة مهذبة 
سلامو عليكم يا ست ميسرة ! ممكن أدخل !
تنحنحت الأخيرة بحرج وهي تتراجع للوراء لكي تفسح لها المجال للمرور و نطقت بأدب 
اهلا وسهلا ياست تحية ! اتفضلي !
ابتسمت تحية إبتسامة ودودة وهي تخطو عتبة المنزل ثم أجفلت بصرها على إستحياء منها ونطقت بنبرة عذبة
اهلا بيكي ياست ميسرة
انتظرتها في مكانها حتى أوصدت الباب ثم التفتت لها وهي تشير بيدها للداخل وقالت 
اتفضلي ياست تحية ده بيتك !
ردت عليها بود 
يزيد فضلك
جلستا الاثنتين على الأريكة العريضة .. وحل صمت حذر بينهما للحظات ..
فكلتاهما تشعران بالريبة تجاه الأخرى ..
ف تحية تشعر بالتوجس من رد فعل ميسرة بسبب ما جاءت لأجله .. بينما شعرت ميسرة بالترقب وهي تنتظر أن تحدثها عن ذلك الأمر الذي دعاها للمجيء إلى أعتابها بعد مرور كل تلك السنوات .. فهي لم تزورها مطلقا طوال تلك المدة وأخر زيارة للأخرى كانت عندما أدت واجب العزاء في زوجها الراحل ..
في النهاية لابد للحديث أن يبدأ .. لذا قررت ميسرة كسر حاجز الصمت وهتفت عقب نحنحة خاڤتة منها 
احم ! تشربي ايه ياأم عمرو
أجابتها تحية وهي ترسم البسمة على محياها 
لا متتعبيش نفسك.. آآ انا كنت عايزاكي في موضوع كده وو.... متعشمة فيكي يعني !
زاد فضولها عقب عبارتها الأخيرة فرمشت بعينيها عدة مرات قبل أن تردف متساءلة بتعجب جلي 
خير ياام عمرو!
ترددت تحية في إخبارها بذلك الأمر الذي حضرت لأجله ولكن لا مفر لديها .. فقد لاحقها عمرو وطاردها بإلحاحه الشديد لتقوم هي بتلك الخطوة عنه ..
فهو لم يقو على فعلها بسبب ما حدث بين العائلتين منذ سنوات فانصاعت له أمام رغبته الملحة في طلب الزواج من روان .
تنهدت تحية ثم تابعت حديثها قائلة على جملة واحدة 
انا جيالك في موضوع يخص عمرو ابني وآآ..و.. وروان بنت اخوكي !
حملقت بها ميسرة بعدم تصديق لذلك الأمر الصاډم فالاثنين معروف عنهما بغضهما للأخر منذ أول لحظة لقاء بينهما ..
اذن ما الأمر الذي سيربطهما معا ويجعل السيدة تحية تأتي إليها لتتحدث فيما يخصهما 
انتابها القلق الممزوج بالصدمة وجاهدت لتحافظ على ثبات نبرة صوتها وهي تتساءل بإهتمام 
موضوع ايه ده ياريت توضحي !!
أجابتها تحية وهي تستجمع شجاعتها لتبدو أمامها أقوى من ذلك 
بصراحة كدة ومن غير لف ودوران .. انا عايزة أطلب أيد روان لعمرو ابني و آآ....
اندفعت ميسرة وهي تهب بها و قاطعتها بحدة 
ايه !! روان وعمرو ! 
وكأنها استنكرت مجرد التفكير في هذا الإرتباط فتابعت بجدية أشد 
ودي تيجي ازاي ياست تحية بعد كل اللي حصل زمان
شعرت تحية بالحرج من حديثها المقصود عن جراح الماضي وآلامه ..
فأطرقت رأسها بحزن وهي تجيبها بحذر 
اللي حصل حصل ياست ميسرة .. وبعدين كل واحد شاف حياته خلاص !
شعرت ميسرة بالضيق عندما تذكرت كل ما أفتعله ذلك ال عمرو حيال إبن أخيها مالك وما قام به متعمدا وبقسوة للتفريق بين قلبين محبين ! 
فكيف ستأتمنه علي ابنة اخيها الغالية ببساطة 
تجهمت ملامحها وعبست ثم نطقت بإستنكار 
انا مقدرش أآمن لبنتي ليه.. ومحدش هيوافق بعد اللي حصل واكيد انتي فاهماني كويس !!!
تابعت تحية وهي تبرر رغبة ابنها وصلاح حاله للأفضل 
عمرو بقى حاجة تانية ياست ميسرة .. خصوصا بعد اللي حصل لأخته من طليقها البعيد و...... 
_ صمتت فجأة وقد شعرت بحجم الخطأ الذي وقعت به الآن فعضت على شفتيها بحرج شديد .. وعاتبت نفسها على تسرعها ...
ولكن أثارت عبارتها حفيظة ميسرة ولم تمررها مرور الكرام فرمشت بعينيها عدة مرات وقد استنبطت سريعا السبب وراء تواجد إيثار أغلب الوقت لدى والديها .
قامت ميسرة بفرك كفيها سويا بتوتر ثم استطردت قائلة بإستفهام 
هي إيثار أطلقت!
أغمضت تحية عينيها في حسرة وردت عليها بنبرة منكسرة وقد شعرت بالحزن من أجل الحال للذي وصلت له أبنتها 
أيوة .. بقالها أكتر من سنتين ونص مطلقة !!!
تلقت ميسرة تلك الإجابة كالصاعقة على رأسها ..
فغرت شفتيها مصډومة وإرتفع حاجبها للأعلى في عدم تصديق وهتفت بنزق 
هااا! مكنتش أعرف
أكملت تحية وهي تهز رأسها للتأكيد 
أيوه احنا مجبناش سيرة لحد !
فكرت تحية في سرد الأمر كاملا عليها فربما عندما تعلم ما حل بعائلتها البائسة والتعاسة التي أصابت ابنتها بسبب إجبارها على زواج غير موفق وانعكاسه عليهم فيما بعد وما تبعه من تغيير جذري على ابنها وتبدل أحواله للأفضل فربما يكون دافعا لها ل توافق
على تزويجه من ابنة أخيها .. 
أكملت تحية بتنهيدة وهي تمسح بلسانها على شفاها الجافتين 
انا هحكيلك اللي حصل كله !!!
.
_ قرر مالك الاختلاء بشقيقته الصغرى في حجرة المكتب لكي يروي لها تفاصيل خطته القادمة ..
هو اختارها لكي تعاونه في ذلك خاصة وأنها تتخذ إيثار صديقة لها وستحبذ لها الخير .. 
دخل مالك حجرة المكتب بعد أن سبقته أخته ثم أغلق الباب خلفه ودنا منها ليجاورها في جلستها على الأريكة الجلدية ..
حك طرف ذقنه الحليقة حديثا ثم نظر لأخته نظرات ذات مغزى وهو يهتف بخفوت بين 
روان بكرة عيد ميلاد ريفان التاني
أومأت روان برأسها متفهمة ثم رسمت على ثغرها ببسمة واسعة و نطقت بمرح زائف محاولة إخفاء نبرة التعاطف والآسى 
بجد!! الله ... كويس أنك عرفنني عشان أعملها حفلة محصلتش !
زفر مالك بإنزعاج ثم التوى ثغره لعدم فهمها مقصده وهدفه وتابع بجدية 
انتي مش فاهماني!! انا هدفي من العيد ميلاد ده أن إيثار تكون موجودة جمبي لأطول وقت ممكن !
ابتسمت
 

53  54  55 

انت في الصفحة 54 من 62 صفحات