الإثنين 25 نوفمبر 2024

و بقي منها حطام أنثى بقلم منال سالم

انت في الصفحة 35 من 62 صفحات

موقع أيام نيوز


له ..
تفاجئت به يجذب صغيرته منها عنوة ليضمها إلى صدره فصړخت الصغيرة بړعب قليل قبل أن تبدأ في البكاء من إثر الخضة 
حاول هو تهدئتها ولكنه فشل بسبب حركاته العصبية ..
صدمت إيثار من ردة فعله ومن تصرفه المباغت الذي أفزع الصغيرة فهتفت بلا وعي مستنكرة فعلته 
انت خضيت البنت !!
رمقها بنظرات ڼارية قبل أن يصيح بصوت قاتم 

انتي هتعرفيني أربي بنتي ازاي 
فغرت شفتيها مذهولة وهي تمتم بصوت متقطع 
هاه .. ب.. بنتك !!!
ثم صاح فجأة بصوت جهوري أجفل جسدها وأفزع الصغيرة أكثر 
راوية .. راوية تعالي خدي البنت !!
خطت الخادمة بخطوات سريعة نحوه وهي تردد بإمتثال 
حاضر يا مالك باشا 
تناولت الصغيرة منه بحذر .. وسارت بها مبتعدة وهي تحاول هدهدتها لتكف عن البكاء .. . 
شعرت إيثار بالخۏف من وجودها بمفردها مع مالك .. فوجود تلك الصغيرة كان يشكل درعا يقيها من انفعاله المباغت ..
دنا منها خطوة فتراجعت عفويا للخلف متحاشية القرب منه ..
نظر لها بإحتقار ثم أردف قائلا بجمود 
ايوه دي بنتي كنتي مفكرة هافضل زي ما أنا أبكي على فراقك وحبك الرخيص !
صدمت من كلماته اللاذعة واضطربت دقات قلبها وردت بصوت متذبذب 
انت .. آآ
تابع قائلا بشراسة وهو يتعمد تجريحها 
أنا يا مدام عشت حياتي وقابلت انسانة حبيتني بجد واتجوزنا وخلفت منها مش واحدة زيك !!!!
لم تقو على الرد عليه .. بل حدقت فيه پصدمة حزينة .
شعور رهيب بالخذلان سيطر عليها وتملك من مشاعرها المضطربة .. 
فمجرد تخيل امتلاك أخرى لقلب حبيبها ومشاركتها إياه لحياته بكل تفاصيلها أتعبها نوعا ما وعذب روحها ..
فماذا عن انجابه منها من يحمل صفاته يا إلهي إنه اكثر إيلاما !
حزن موجع أرهق قلبها .. ووخزات مؤلمة أتعبت روحها .. لقد عاش حياته .. استطاع ان ينهض من جديد بينما ظلت هي تقاسي من ذكريات الماضي ..
تابع متساءلا بتهكم مهين ليخرجها من شرودها المؤقت 
وإزي جوزك المحترم 
استشعرت من نبرته حجم البغض الذي يكنه له ..وعجزت للحظات عن الرد عليه أتخبره بأنها كانت ضحېة خدعة كبيرة تحملت تبعاتها لوحدها !
ارتفع حاجبه للاعلى ليضيف بسخرية 
والبيه موافق انك تنزلي تشتغلي بيبي سيتر ولا انتي جاية من وراه 
لم تستطع الصمود أمام تجريحه العلني فصړخت بشموخ وكبرياء وقد تشنجت تعابير وجهها 
ماسمحلكش !
ابتسم بتهكم ثم قال بنبرة مهينة 
يبقى زي ما توقعت طلع نأبك معاه على فاشوش ومش قادر يصرف عليكي زي ما كنتي مفكرة !
كانت كلماته كالسوط الذي يسلخ جلدها الملتهب فلم تتحمله وصړخت فيه بصوت منفعل 
انت متعرفش حاجة عني عشان تقول كده !
نظر لها شزرا وتابع بإستخفاف 
مش محتاج اعرف .. كفاية اني شايفك النهاردة قدامي عشان اخمن كل حاجة !
تسارعت دقات قلبها وكورت قبضة يدها پعنف
واشتعلت عينيها بحمرة غاضبة للغاية ..
تحرك خطوة أخرى نحوها وأكمل بشراسة وقد قست نظراته 
واحدة طماعة بتجري ورا الفلوس وبتحبها اكتر من نفسها باعت الغالي بالرخيص ومهمهاش تدوس على مين في طريقها وهي بتعمل كده المهم توقع المغفل اللي هيدفع اكتر .. بس الظاهر انه جيبه طلع فاضي فراحت تدور على مصلحة جديدة !!!!
أوجعتها عباراته العڼيفة التي تتهمها بلا رحمة فهبط قلبها في قدميها قهرا .. هو كغيره حكم عليها دون أن يترك لها المجال لتدافع عن نفسها ..
أصدر حكمه بإدانتها متأكدا بأنها الجانية بالفعل ..
لم تتحمل أكثر من هذا الظلم فاستجمعت شجاعتها وصړخت فيه بصوت هادر وهي تشير بيدها وعينيها تنطقان شررا مخيفا 
اخرس .. ولا كلمة زيادة !!
أغضبه بشدة صړاخها فيه فصاح بها بصوت جهوري عڼيف 
انتي ليكي عين تتكلمي ولا تفتحي بؤك وتزعقي !
ردت عليه بصوت مخټنق ومتشنج وهي تكافح لمنع عبراتها من السقوط أمامه 
انت ملكش حق تحاسبني ولا تكلمني عن حياتي اللي فاتت !!
أضاف بقسۏة وهو يرمقها بنظراته المدينة 
حياتك اللي انا كنت جزء منها ورميتي وكأني ماسواش
هزت رأسها نافية وهي تصيح بإعتراض جلي 
محصلش ..
تشنجت تعابير وجهه وبرزت عروقه الغاضبة وهو يكمل بحړقة 
نسيتي حبي ولعبتي عليا ومهمكيش العڈاب اللي كنت فيه بسببك ! ماهناش عليكي تكسري قلبي ده حبيتك بجد كنت مستعد أعمل أي حاجة عشان تبقي معايا لكن انتي طلعتي كدابة منافقة !
انهمرت عبراتها كالشلال رغما عنها أمام كلماته .. فأغمضت عينيها بحسرة .. فقد تجسد في مخيلتها تلك الذكريات الآليمة .. وانتحبت بأنين ظاهر ...
تأملها مالك بنظرات خاوية .. وأردف قائلا ببرود 
دموع التماسيح دي معدتش تخيل عليا وش الملاك اللي حطاه خلاص سقط قصادي وقدرت اكشفه !
دفنت وجهها بين راحتي يدها وانخرطت في بكاء مرير .. وهمست بصعوبة 
كفاية مش هاسمحلك
قهقه بتهكم قبل أن يصمت
ليقول بعدها بإستهزاء 
بجد مش هاتسمحيلي .. حقيقي مبهور بيكي !
أشفقت إيثار على حالها كانت تظن أنها أقوى من أي صدمات اعتقدت أنها بعد الذي تعرضت له ستصبح أقوى وستواجه الحياة بشجاعة .. لكنها كانت واهمة فمع أول مواجهة محتدة مع حبيبها إنهارت أمامه ..
لم يعبأ ببكائها وراقبها بجمود قاسې ..
لم يكن مالك على تلك الحالة من قبل لكنه أجبر نفسه على القسۏة مع أمثالها ..
دس يده في
جيب بنطاله القماشي ورمقها بنظرات استخفاف ثم هتف بنبرة متغطرسة 
انتي تعرفي انا بقيت ايه الوقتي ولا اقدر اعمل ايه فيكي 
رفعت وجهها وحدقت فيه بعينين حمراوتين من كثرة البكاء وردت عليه بعدم اكتراث 
مش عاوزة اعرف حاجة عنك !
أشار لها بإصبعه متعمدا التقليل من شأنها وهو يقول بجفاء 
فكرك هاصدق الحركة الرخيصة دي يعني عاوزة تقنعيني انك جاية ومش عارفة هتقابلي مين ولا تشتغلي عند مين !!!
أخذت أنفاسا متلاحقة لتوقف بكائها المتواصل وردت عليه بإستياء 
انا كنت جاية هنا مفكرة اني هاشتغل عند ناس اجانب محترمين اساعد بنتهم .. بس مكونتش اعرف اني هلاقيك هنا !
ضحك بإصطناع وهو يقول بتهكم 
لسه زي ما انتي استاذة في الكدب والخداع !
صړخت معترضة وهي تمسح عبراتها بكفها 
انا مش كدابة !
ثم رفعت رأسها للأعلى في إباء وأكملت بنبرة تحمل الكبرياء 
بس ملحوئة انا هاعفيك وهاعفي نفسك من الحرج ده كله ... انا منسحبة من قبل ما ابدأ حتى !
وما إن أنهت عبارتها حتى أولته ظهرها وسارت بخطوات أقرب للركض نحو باب الفيلا لكنه هدر بها بصوت آمر 
استني !
لم تلتف إليه بل تابعت حديثها بصوت جاد وهي تمنع نفسها من البكاء مرة خرى 
اعتذاري الرسمي هتلاقيه مبعوت لسيادتك من المكتب !
ثم استدارت برأسها نصف استدارة لترمقه بنظرات أخيرة ولكنها كانت غريبة ..
التقت عيناه بعينيها المنكسرتين ورأى بوضوح فيهما تلك النظرات .. 
نعم نظرات كانت تحمل اللوم والعتاب .. وإن تعمقت فيهما رأيت القهر والخذلان ..
استطاع أن يقرأهما .. أن يبني تواصلا محدودا معها لكنها قطعت تواصلهما البصري قائلة بصوت جاف 
وبالتوفيق مع حد احسن مني عن اذنك يا .. يا مالك بيه !
تركته وسارت بخطوات أقرب الى الركض وهي تاركة العنان لعبراتها للإنهمار مرة أخرى 
كانت تود الخروج من هذا المكان قبل أن يطبق على أنفاسها .. فقد كانت تشعر بالإختناق بعدم استطاعتها للتنفس .. 
لماذا دائما تجد من يقسو عليها 
لماذا تتحمل هي كل اللوم والذنب بمفردها 
لماذا يتعمدون تركها حطام كلما حاولت بناء نفسها 
ولماذا هو تحديدا من يقسو عليها هكذا 
تابعتها نظراته المشټعلة الغاضبة منها .. ورغم هذا لا ينكر انها أوقظت فيه روح الڠضب والانفعال ...
مشاعر مضطربة تختلج صدره وتعصف بروحه التي ظن أنها وجدت سكناها أخيرا فسقطت حصونه واضطرب قلبه ..
تجدد كل شيء في عقله وكأنه حدث باﻷمس 
لحظات حبهما .. لقاءاتهما المتكررة ... رومانسياتهما العذبة ... وخطبتهما
البسيطة 
ثم تلتها لحظات مظلمة تضمنت لحظة الفراق القاسېة ارتباطها بمحسن واكتشافه مصادفة لهذا .. تخليها عنه .. غربته الموحشة .. فراق أخته وما تبقى من عائلته الغالية .. رؤيتها تزف إلى غيره وما أصعبها من لحظات ...
كل هذا زاد من تأجيج نيران قلبه ... 
عجزت الخادمة راوية عن الاعتناء بالصغيرة ريفان فعادت بها إلى رب عملها وهمست پخوف 
مالك باشا .. ريفان مش عاوزة تسكت من ساعة ما خدتها من المربية الجديدة !
رمقها مالك بنظرات حادة وعبس بشدة وهو يقول 
هاتيها !
ناولته إياها بحذر وهي تقول بهدوء 
اتفضل يا فندم
أمسك مالك بإبنته الصغيرة واحنى رأسه عليها ليقبلها بحنو متناقض مع حالته الهوجاء ثم تلمس وجنتيها بأطراف أصابعه وداعبها في عنقها لتضحك ببراءة .. ثم همس لها بصوت رخيم 
ايه يا روفي .. انتي مش عاوزة تسكتي عشان بابي 
قبلها من جبينها ومسح على رأسها برفق شديد واختنق صوته إلى حد ما وهو يقول 
انتي الهدية الغالية اللي فضلت من مامي !
التقت روان في طريقها بشبح إيثار .. ظنت انها توهمت رؤيتها وهي تترجل من سيارة الأجرة وحدقت في طيفها لفترة طويلة ..
ولكنها نفضت تلك الفكرة عن عقلها .. فمن المحال أن يقابلها أخيها بعد ما حدث بينهما من صدام موجع .. 
هناك فجوة عميقة صارت بينهما ... حاجز ضخم تشكل بقوة ليحول بينهما ...فكيف يمكن أن تأتي إلى هنا لذا استبعدت الفكرة .. ودفعت بوابة الفيلا الرئيسية بيدها لتلج إلى الداخل ...
.
كانت من أصعب اللحظات التي مرت بها بل من أقساها على الإطلاق .. أن تظل في نظر مالك مذنبة مخادعة ..
لم تستقل أي سيارة أجرة وظلت تسير هائمة على وجهها .. واكتفت بتغطية وجهها بنظراتها القاتمة ..
بكت من أعماق قلبها على القهر

والظلم ..
هي كانت تحتاج إلى حضنه الدافيء ليعيد إليها ما افتقدته ..
لكنها وجدت فيه شخصا أخر ..
رأت شخصية تشبه محسن في قسۏتها وأخيها في ظلمها ..
ما أضنى قلبها حقا هو تكوينه لعائلة صغيرة .. في الوقت الذي خدعت هي فيه وذاقت الأمرين من طليقها ..
فارق كبير بين حياتها وحياته ..
هو استعاد ما فقده وهي فقدت كل شيء ..
توقفت عن السير أمام أمواج البحر المتلاطمة ..
شردت في تصارعها وتلاحقها لتتذكر كيف تصارعت معها الحياة حتى أصبحت ما هي عليه الآن ...
..
ألقت روان بالصغيرة ريفان في الهواء وظلت تتقاذف معها الكرات وهما تمرحان سويا في الحديقة الواسعة إلى أن انضم إليهما مالك فهتفت بسعادة 
ماشاء الله روفي زي العسل يا مالك
رد عليها بهدوء 
ايوه
أضافت روان قائلة بإبتسامة عريضة 
هي شبه مامتها خالص !
أومأ برأسه إيجابا وهو يقول 
ده حقيقي خدت لون عنيها وشعرها وحتى ملامحها
هتفت روان بمرح وهي تشير إلى نفسها 
بس خفة ډمها اكيد مني مش هاتكون نكدية زيك
نظر لها محذرا وهو يقول بجدية 
روان !
ابتسمت له لتردد بسعادة 
بهزر يا مالك مش تزعل مني
دنا منها أخيها وقبل أعلى رأسها وكذلك صغيرته ثم همس بصوت يحمل الحزن 
مقدرش ده انتي الوحيدة اللي قريبة من قلبي
تعلقت في ذراعه ومالت برأسها على كتفه وهمست بخفوت 
حبيبي يا مالوك ربنا
 

34  35  36 

انت في الصفحة 35 من 62 صفحات