الأحد 24 نوفمبر 2024

فإذا هوي القلب بقلم منال سالم

انت في الصفحة 12 من 52 صفحات

موقع أيام نيوز


الذهبية لترك تلك القرية الريفية والخروج إلى الحضر.
وفي الأخير تخلت عن رفضها و تنهدت قائلة باستسلام
ماشي بس هانروح نقعد فين
أجابتها أسيف بتلهف

أي لوكاندة على أدنا وإن شاء الله مش هانطول!
ردت عليها أمها بهدوء
طيب 
اتسعت ابتسامة أسيف أكثر وهللت بسعادة واضحة بعد أن استجابت لطلبها
حبيبتي يا ماما ربنا ما يحرمني منك أبدا 
علقت جليلة جلباب زوجها في المكان المخصص له ثم التفتت ناحيته قائلة بعبوس
اتأخرت يا حاج 
أجابها بإرهاق وهو ينزع حذائه عن قدميه
مشاغل يا جليلة!
هتفت هي قائلة بتضرع معتاد
ربنا يكرمك يا حاج طه ويوسع رزقك!
نظر لها دون أن يعقب فتابعت قائلة بتوجس
أنا بس خاېفة عليك لتتعب بزيادة
رد عليها بصوت منهك
ربك المعين
ثم استدار برأسه ناحية باب الغرفة متسائلا باهتمام
أومال فين

أروى والواد يحيى
أجابته بنبرة عادية وهي تشير بيدها للخلف
أعدين بيلعبوا جوا في اوضتهم
أضاف هو قائلا بجدية
ثواني والأكل يكون عندك يا حاج
وبالفعل خرجت من الغرفة لتتجه نحو المطبخ فرأت ابنها منذر مقبلا عليها ومودعا إياها في نفس الوقت مرددا
ست الكل!
نظرت له بغرابة وهي تتساءل
رايح فين يا منذر
أجابها بتنهيدة متعبة
رايح المطعم أشوف التوضيبات وأتكلم مع المهندس المسئول!
هتفت قائلة بإصرار وهي تضع قبضتها على ذراعه لتمسك به
طب استنى هاجهزلك لقمة تاكلها على السريع 
أزاح يدها برفق عنه قائلا باقتضاب وقد ظهر الانهاك واضحا على تعابير وجهه
لأ مش عاوز!
منذر!
تابع طه قائلا بلهجة شبه آمرة
أما تخلص عدي على عواطف وشوف عملت ايه لأن انت اتأخرت عليا وأنا زهقت من الأعدة في الوكالة!
هز رأسه متفهما وهو يقول
ماشي سلامو عليكم!
ردت عليه والدته التحية قائلة بصوت أمومي حاني متابعة إياه بنظراتها الدافئة
أومأ دياب رأسه بإعجاب وهو يجوب بأنظاره المطعم متأملا التجديدات التي طرأت عليه وأردف قائلا بتحمس وهو يربت على كتف مهندس الديكور
عال الشغل 100 100 يا رجالة!
رد عليه الأخير قائلا بسعادة
انت تؤمر بس يا ريس دياب
أضاف دياب قائلا بجدية وهو يشير بذراعه موضحا ما يرغب في القيام به من تعديلات لائقة من وجهة نظره
هز المهندس رأسه بتفهم مرددا
متفقين
في نفس التوقيت ولج منذر إلى داخل المطعم ليجد أخاه واقفا إلى جوار مهندس الديكور فهتف بصوت مرتفع يحمل المفاجأة
الله انت هنا!
الټفت دياب برأسه نصف التفاتة نحوه ورد عليه بجدية
منذر! حبيبي 
وضع منذر ذراعه حول كتف أخيه الأصغر وربت عليه برفق ثم سأله بإستغراب
ايه اللي جابك مش كان لسه عندك تسليم
أجابه الأخير بعبوس
اتأجلت الطلبية الزبون فلسع توفى !!
تعجب منذر مما قاله وردد بضيق قليل
يا ساتر يا رب!
ثم انتقل للسؤال التالي مرددا باهتمام
ها اتكلمت مع المهندس
أجابه دياب بثقة
أه هايظبط كل حاجة زي ما احنا عاوزين 
زم منذر فمه للأمام قائلا بإعجاب
عظيم!
وسريعا تحولت ملامحه للإنزعاج وهو يضيف على مضض
ناقصنا بس نشوف البلوى اللي في النص دي!
فهم دياب المغزى من عبارته الغامضة فأردف موضحا دون تردد
تقصد الدكان!
رد عليه منذر وهو ينفخ بضيق
هو في غيره يا دياب 
وافقه أخيه الرأي قائلا
عندك حق معطلنا كتير 
أضاف منذر قائلا بنبرة عازمة وقد ضاقت نظراته للغاية
أنا رايح عند عواطف أتكلم معاها أشوفها وصلت لإيه
رد عليه دياب بجدية
طب خدني معاك في سكتك 
هز رأسه بالإيجاب معللا
اه وأهوو بالمرة ألاغيها بلغة السوق إن كانت معصلجة!
زفر منذر بصوت مزعوجثم دس يديه في جيبي بنطاله الجينز مضيفا بتأفف
المشكلة مش فيها هي دي في أخوها!
رد عليه دياب بعدم اكتراث
أهوو نشوفله سكة إن كان معاند في البيع
أخرج منذر يدا واحدة من جيبه ولكز بها أخيه في كتفه قائلا بحزم
طيب تعالى 
الفصل الثامن 
اتجهت نيرمين وهي تحمل رضيعتها الغافية على كتفها نحو باب منزلهم لتفتحه بعد استماعها لقرع الجرس الخاص به وقفت أمام العتبة تتأمل المتواجدين باستغراب قليل.
أردف منذر قائلا بنبرة خشنة 
سلامو عليكم
سريعا تداركت الموقف وتنحنحت بخفوت قائلة بترحيب 
وعليكم السلام يا أهلا وسهلا!
تابع هو متسائلا بجدية ونظراته تحولت للجمود 
الست عواطف موجودة
حدقت فيه بقلق ظاهر ووزعت أنظارها بينه وبين أخيه الواقف خلفه مجيبة إياه 
اه موجودة!
ابتلعت ريقها بتوجس وتساءلت بتلعثم 
هو..... هو في حاجة
رد عليها بغموض 
أنا عاوز أتكلم معاها
أضاف دياب قائلا بعتاب 
هو احنا هنفضل واقفين كتير على الباب!
أيقنت شرودها عن التصرف بلباقة مع الضيوف فهدهدت رضيعتها برفق وتنحت للجانب قائلة بحرج 
لا مؤاخذة اتفضلوا ده بيتكم! 
صاح منذر عاليا لينبه من بالداخل لوجوده 
يا رب يا ساتر
بينما تنحنح دياب بخشونة مرددا 
احم.. سلامو عليكم!
اتجه الاثنان نحو غرفة الصالون حيث المكان المعتاد لاستقبال الزائرين بينما أسرعت نرمين في خطاها لتبلغ والدتها بوجودهما بالخارج لفت عواطف حجاب رأسها سريعا دون عناية بمظهره النهائي وسارت بخطوات شبه سريعة نحوهما.
ابتسمت قائلة بود مرحبة بهما 
يا مراحب بالغاليين!
نهض الاثنان من على الأريكة العريضة ليصافحاها ثم عاودا الجلوس مرة أخرى لم يرغب منذر في إضاعة الوقت هباء لذلك استطرد حديثه قائلا بعجالة وبجدية شديدة 
شوفي يا ست عواطف أنا جاي النهاردة عشان أحط النقط على الحروف في موضوع الدكان 
حدقت فيه بارتباك كبير فقد بدا في نبرته وفي نظراته المسلطة عليها الحزم والشدة ازدردت ريقها قائلة بحذر 
ما أنا... مش ساكتة يا سي منذر بس....
انزعج منذر نوعا ما بسبب استشعاره لتقاعصها عن إتمام تلك المسألة الحيوية وقبل أن تكمل جملتها للنهاية قاطعها قائلا بعصبية قليلة 
مش وقت بسبسة يا ست عواطف دي مصالح وارتباطات مع ناس كتير مش فاضين للأعذار والحجج
دافعت عواطف عن موقفها قائلة بتلهف 
والله ما حجج!
ثم أخفضت نبرتها نسبيا لتتابع بحزن واضح 
أنا بس أخويا رياض ماټ من قريب وماكونتش أعرف
حلت الصدمة على وجهي كلا من منذر ودياب وتبادلا نظرات مزعوجة وممزوجة بالحيرة فلم يتوقع أحدهما ۏفاة الشريك الأخر لعواطف وبالتالي تشكلت عقبة أخرى أمام إكمال مسألة البيع.
ردد منذر بنبرة واجبة 
البقاء لله 
ردت عليه بصوت مخټنق 
الدوام لله وحده
بينما أضاف دياب مواسيا 
الله يرحمه البركة فيكي انتي!
ردت عليه بتفهم 
اللهم امين تعيش يا بني!
ساد صمت حذر لعدة لحظات قبل أن تستأنف عواطف حديثها قائلة بصوت مضطرب 
أنا كنت هافتحه في بيع الدكان بس.. بس اتفاجئت باللي حصله ده حتى معرفتش أقوم بالواجب ولا....
تلك المرة قاطعها دياب قائلا بجمود متخيلا عن هدوئه 
شوفي يا ست عواطف المثل بيقول الحي أبقى من المېت وبصراحة كده احنا بنسابق الزمن عشان ننجز
ردت عليه بقلة حيلة 
وأنا متأخرتش عنكم يا دياب يا بني!
ضجر منذر من فتور ردودها فصاح محذرا إياها من المماطلة بانفعال ظاهر 
احنا مش بنهزر ولا ده لعب عيال!
بينما أضاف دياب بټهديد 
خليكي فاكرة يا ست عواطف إن الدكان اتفقنا هنشتريه وبسعر كويس فبلاش ملاوعة من أولها لأن ده مش في مصلحتك!
نفت سريعا إتهامه لها قائلا پخوف 
والله ما ملاوعة دي.. دي ظروف حصلت!
رد عليها غير مكترث 
ماليش فيه ده كله!
هزت رأسها بإيماءات متتالية قائلة 
حاضر أنا هاتصل بمراته وأفاتحها في بيعه!
نهض منذر فجأة من مكانه وتابع قائلا بصوت قاتم 
اعملي اللي تعمليه يا ست عواطف المهم يخلص في أسرع وقت!
ماشي
أكمل دياب مهددا بعد أن هب واقفا هو الأخر 
كمان أنا لحد دلوقتي مصدر الوش الحلو فبلاش أضطر استخدم الوش التاني وإنتي مش محتاجة تعرفيه 
اطمنوا اللي انتو عاوزينه هايحصل!
ثم هتفت بنبرة عالية 
يا نيرمين الشاي أوام للضيوف 
رد منذر معترضا بجمود 
مالوش لازمة احنا ماشيين على طول 
ألحت قائلة بإصرار كبير 
والله ما يحصل أبدا ده انتو كده بټشتموني 
نظر منذر لأخيه وأشار له بعينيه قائلا بهدوء 
خلاص اقعد يا دياب خمساية ونتوكل على الله!
رد عليه أخاه على مضض 
طيب 
في نفس التوقيت عادت بسمة من الخارج وعلى وجهها علامات سخط جلية.
كانت منزعجة للغاية من تصرفات أولياء الأمور المستفزة في بعض الأحيان والدافعة لحنقها المستمر لم تشعر بوجود غرباء في منزلها فأخذت راحتها في التذمر من وضعها المأساوي في الدروس الخاصة التي تقوم بإعطائها مرددة بصوت مرتفع وهي توصد باب المنزل 
امتى يتوب علينا ربنا من الهم ده بجد ناس معندهاش لا رحمة ولا أدب من الأساس!
أسرعت نيرمين ناحيتها قائلة بصوت خفيض وهي ترمقها بنظرات حادة للغاية 
بسمة وطي صوتك في.....
لم تمهلها الفرصة لإكمال ما تريد قوله حيث هتفت بتبرم 
الواحد يبقى قاعد في الدرس كافي خيره شره ومركز في اللي بيديه للعيل من دول ويلاقي الأم بتظبطني ياختي مع أخوها 
فغرت نيرمين شفتيها مصډومة مما تردده أختها بلا وعي وحاولت تحذيرها لتكف عن الحديث لكن كانت الأخيرة كالصاروخ في اندفاعها بعباراتها الناقمة على وضعها.
تابعت غير مهتمة بإيماءات وإشارات أختها الغامضة والغير مفهومة بالنسبة لها 
خال الواد عمال يظبط زوايا معايا من صباحية ربنا عشان أخد باله منه ومبحلأ فيا بعينيه على وسعهم!
هزت نيرمين شفتيها للجانبين مستنكرة تلك الفضائح التي تتفوه بها في حين تابعت بسمة بإشمئزاز بادي على وجهها ونبرتها 
لأ وطول الوقت شغال منادية تقوليش واقف في السوق ولا أعدين على المصطبة ركز يا واد مع الأبلة اسمع للأبلة الحلوة هي صغيرة بس دماغها جامدة! رجالة أخر زمن سايبين اللي وراها وبيعاكسوني عيني عينك كده!!!
تحركت دون اكتراث للأمام فرأت باب غرفة الصالون مواربا فدقق النظر فيه فلمحت طيف رجلين بالداخل.
شهقت مصډومة والتفتت نحو أختها متسائلة بحرج كبير 
هو احنا عندنا حد
ردت عليها نيرمين بتأفف وهي خافضة لصوتها 
اه يا فالحة ماهو ده اللي بأحاول أقولهولك من بدري!
أشارت بكف يدها نادبة سوء تصرفها ومرددة بندم 
أوبا ده أنا عكيت الدنيا على الأخر!
ردت عليها نيرمين بتمني 
ربنا يستر ومايكونوش خدوا بالهم من الهالومة اللي عملتيها
تساءلت بسمة بفضول وقد التمعت عيناها نوعا ما 
هما مين أصلا
أجابتها نيرمين بعبوس 
ولاد الحاج طه حرب!
لكزتها أختها الكبرى قائلة بجدية وهي تدفعها للأمام 
طب خشي الأوضة بدل ما تتهزأي من أمك !
وافقتها بسمة الرأي مرددة بامتعاض 
ايوه مش ناقصة قلة قيمة أكتر من كده!
استمع دياب إلى معظم ما قيل بالخارج بسبب حدة الصوت واستنكر بضيق شديد ما يحدث في منازل أولياء الأمور من تجاوزات أخلاقية.
ورغم هذا ابتسم لنفسه بتهكم فقد تذكر حديث طليقته عن رغبتها في إعطاء ابنهما درسا خاصا لمساعدته على استذكار وفهم دروسه فربما تكون هي المرشحة المناسبة لذلك الأمر وبالتالي لن يكون بحاجة للبحث عن واحدة أخرى.
لكنه لم يرد مفاتحة السيدة عواطف في تلك المسألة مباشرة دون الرجوع لوالدته أولا والتفكير فيها بروية.
شعرت عواطف بالحرج من تصرفات ابنتها الغير محسوبة والتي تضعها دوما في مواقف

حرجة مع الأخرين وحاولت قدر الإمكان إلهاء ضيفيها كي لا ينتبها للحديث الدائر خارج الغرفة.
لم يعبأ منذر بما سمعه وركز تفكيره فقط على كيفية اتمام بيع الدكان العتيق والبدء في مشروع المطعم في أقرب وقت.
ارتشف هو مقدارا كبيرا من محتويات قدحه ثم أسنده على الصينية أمامه وأومأ بعينيه لأخيه بإشارة ذات مغزى ثم ضړب على فخذه برفق قائلا بجدية 
متشكرين يا ست عواطف على الشاي هانستأذن احنا!
نهض الاثنان بعدهما من مكانهما ووقفت عواطف هي الأخرى
 

11  12  13 

انت في الصفحة 12 من 52 صفحات