السبت 30 نوفمبر 2024

مذاق العشق المر بقلم سلمى المصري

انت في الصفحة 50 من 75 صفحات

موقع أيام نيوز


رد فعاودت الهتاف 
يوسف انت سامعني اعمل معروف انا انقطعت المكالمة او انهااها يوسف دون كلمة واحدة ولم يكن لديها متسع من الوقت لتفكر فى صډمتها فقد تزايدت دقات فؤاد على الباب وازداد ارتجاف علي بين ذراعيها وقبل ان ترفع هاتفها لتتصل بالشرطة سمعت صوت جلبة بالخارج فأحدهم قد كسر الباب وبعدها سمعت اصوات تحطيم اشياء بالشقة واصوات تأوهات متتالية لصڤعات ولكمات فلم تحملها قدميها اكثر لتتهالك ارضا وهى تضم علي اليها فى قوة تحاول ان تأخذ منه الامان اكثر مما تحاول ان تبثه اياه هدأت تلك الاصوات تدريجيا لتنتفض على صوت دقات هادئة على باب الغرفة وصوت فارس الرخيم يناديها 

افتحي يا ايلينا انا فارس 
مدت يدها فى تردد وخوف ونهضت لتفتح الباب فى بطء نظرت منه قبل ان تفتحه اكثر الى فؤاد الذى تكوم ارضا والى فارس الذى انتحى جانبا ليترك لها الفرصة فى الخروج اطلقت على من بين ذراعيها ونظرت الى فارس تسأله فى توتر 
انت عرفت ازاى باللى حصل 
ابتسم فارس وهو يضع يديه فى جيب بنطاله مداعبا 
العفو مدام ايلينا تحت أمرك 
لو كانا فى موقف اخر لاتسع ثغرها من دعابته وطريقته فى القائها ولكن نظرة الى فؤاد المتكوم ارضا اصابتها بالفزع فأعادت سؤالها من جديد فى ثبات وجديه لا تحتمل اى مزح ليرد فى هدوءه المعتاد 
انا جيت على صوت الدق والخبط اللى كان فى المكان وعلى صوت صرختك وصړخة علي مش محتاجة ذكاء يعنى 
نظرت اليه فى تمعن لأول مرة 
هيئته توحى بانه احد ابطال المصارعة وليس مدرسا ابدا 
يشبه الى حد كبير نجوم السينما فى هندامه وطريقته اللبقة وكل شىء 
لم يصبه مجرد خدش واحد من فؤاد او ربما هى حالة فؤاد الذى سيطر الخمر فيها على عقله فلم يتمكن من الدفاع عن نفسه 
قطع تأملها صوت فؤاد المترنح 
وده يطلع مين ده راخر 
اقترب فارس منه قائلا وهو يعقد ذراعيه بابتسامة جذابة للغاية 
اهلا فؤاد باشا ازى الحال دلوقتى 
لهجته ثقته طريقته تذكرها به 
يوسف البدرى الذى تخلى عنها منذ لحظات 
وضع فؤاد يده على رأسه ونظر اليها بعد ان تلونت پالدم هاتفا 
وحياة امك لدفعك التمن غالى 
فرك فارس كفيه 
لا يافؤاد بيه محدش هيدفع اى تمن غيرك تفتكر لو بلغنا البوليس دلوقتى هيبقا ازى الحال وياسلام بقا لو خطيبتك بنت الوزير عرفت والجوازة اتفركشت شوف انت بقا 
نهض فؤاد فى تثاقل قائلا وهو يمسك جبينه يكافح الدوار بشدة 
انت بتهددنى يا بتاع انت 
رد فارس فى برود 
اه 
نظر فؤاد الى ايلينا هامسا في ڠضب مكبوت وكأنه تعمد الا يصل تهديده الى احد غيرها وهو يميل اليها قبل ان يخرج 
مسيرك تقعى تحت ايدى لو مكنش دلوقتى بعدين وبكرة تشوفى يا 
واضاف فى تهكم 
بنت عمي 
وقبل ان يخرج تفاجىء بقبضة فارس الحديدية حول معصمه وهو يقول ببروده الثلجى المخيف 
متفكرش يا فؤاد بيه انصحك متفكرش 
نظر اليه فؤاد بتوعد قبل ان يخطو مغادرا المكان فى تعب دون أن يرد 
التفتت ايلينا الى فارس بابتسامة ممتنة 
مش عارفة بجد اشكرك ازاى 
ابتسم فارس ابتسامته الغامضة الجذابة التى طالما اثارت حيرتها فهى لاتعرف حقا أهي ابتسامة حزينة ام حائرة ام تائهة 
شفتاه تبتسمان بينما عيناه هائمتان فى عالم اخر وقبل ان يرد سمعت صوت ارتطام فتفاجئت بعلي يسقط ارضا فاقدا للوعى 
صړخت ايلينا باسم أخيها وركعت ارضا وهى تضع رأسه على حجرها وټضرب وجنته فى رفق صاړخة فى هستيريا 
على الحقنى يا فارس اعمل حاجة اول مرة اشوفه كدة 
تحسس فارس نبضه وتنفسه بسرعة وهو يقول لها 
اهدى ايلينا هوا بس خاېف دى نوبة فزع مش اكتر حاولى تتكلمى معاه فى اى حاجة وحسسيه بوجودك 
رمقته فى دهشة من أين له اين يعرف كل هذا ولكنها نفذت ما طلبه بالضبط وضمت على اليها اكثر وهى تتحدث اليه وتقبل رأسه بينما يجلس فارس على ركبتيه امامهما حتى هدأ تنفس علي المتسارع وفتح عينيه فقبلته ايلينا على جبهته وحمله فارس الى غرفته وقبل ان يذهب سألته ايلينا فى
فضول 
انت ازاى قدرت تعرف اللى عند على 
هز كتفيه قائلا فى بساطة 
ابدا انا اخدت دورة اسعافات اولية وكنا بنعرف ازاى نفرق بين الحاجات النفسية والعضوية 
ابتسمت ايلينا له فى اعجاب واضح 
بجد يا فارس متشكرة اوى 
شعرت فى نظراته بشىء جديد اصبح يتطور يوما بعد يوم 
تزايد اهتمامه اكثر مع الوقت بينما هى كانت لاتزال تتبع اخبار يوسف رغم حنقها عليه اقنعت نفسها انه الفضول تريد ان تعرف كيف يعيش 
كيف يقضى حياته مع جينا وهل بالفعل استطاع تجاوزها 
تعرف انها الان ربما تحيا وهمها الأعظم الذى استيقظت منه على دقات بابها من فارس دق بابها و كأنه يدق قلبها يطلب الاذن بالدخول فتحت له الباب فنظر لها لحظات دون ان ينطق قبل ان يتنفس فى عمق قائلا 
ايلينا تتجوزيني 
الفصل السادس والعشرون 
هذا اخر ما تمنت ان تسمعه فى الحياة 
أغرقها بسؤاله فى حقيقة لا مفر منها ولا نجاة 
حقيقة كلمة زوج التي لا تعنى لها سوى يوسف 
الزواج ويوسف كلمتان مترادفتان بالنسبة اليها 
رغما عنها وعن كل ما حدث لايمكنها تخيل حياتها مع شخص سواه 
لا يمكنها تحمل لمسات رجل غيره 
مجرد التفكير فى هذا الأمر يصيبها بالتقزز 
لاتريد ان تتخلص من ذكرياتها معه 
لاتملك الارادة لذلك مهما حاولت حتى ان لم يكن هناك أمل فى الوصال بينهما من جديد الا ان الأمر برمته خارج عن سيطرتها 
تحبه رغم كل ما حدث 
رغم خيانته 
رغم جرحه لها وجرحها له الذى يذكرها فى كل لحظة باستحالة ان يجمعهما مكان من جديد 
لافرار من الحقيقة ابدا فلايمكنها ان تكون لرجل بعد يوسف 
مشاعرها وجسدها وذكرياتها وكل شىء قد اصبح حكرا عليه منذ زمن 
رفضت فارس 
رفضت غير عابئة بتقريعات عقلها الذى يصفها بالغباء المطلق فرجل مثله لايمكن لأي فتاة ان ترفضه 
أبت كرامته ان يبقى امامها بعد هذا الرفض فترك المنزل بعد ان ودعها 
لم تستطع ان تطلب منه البقاء فقط لأنها تحتاج الى حمايته فمن حقه ان يأخذ فرصته فى نسيانها والبدء فى حياة جديدة مع اخرى تكون له بكل جوارحها فهو اكبر من ان يكون مجرد تجربة تحتمل الفشل اكثر مما تحتمل النجاح بكثير 
ومرت الأيام تلو الأيام وحياتها على وتيرة واحدة لا تتغير حتى حدث ماحدث فى هذا اليوم حينما عادت الى منزلها بعد ان ابتاعت بعض الأشياء من السوق بدلت ملابسها وانتظرت الحافلة التى تقل اخاها من مدرسته ولكنه تأخر كثيرا عن موعده هاتفت مدرسته فأخبرته انه بالفعل استقل الحافلة التى انزلته امام البيت كالمعتاد كادت ان تجن 
هبطت بسرعة تبحث عنه خارج المنزل وحوله فربما فقد وعيه او اصطدم بشىء فتشت عنه في كل مكان فلم تجده 
جلست على السلم الخارجى للمنزل بعد ساعات من البحث ورأسها يخيل لها كل السيناريوهات المؤلمة عن ضياعه اخذت ټضرب فخديها فى قلة حيلة وهى لا تعلم ماذا تفعل ولمن تلجأ فان ابلغت الشرطة فلن يكن هناك اى تحرك قبل مرور اربع وعشرين ساعة ضړبت على جانبى رأسها فى حزن من بامكانه ايذاء طفل كفيف ولماذا 
سالت دموعها فى عجز لم تشعر به قط فى حياتها فعلي ليس مجرد اخ بل هو ولدها الذي لم تنجبه 
مرت ساعات اخرى وهى على جلستها دون حركة حتى أسدل الظلام ستائره حولها 
انتفضت فجأة على صوت رنين هاتفها فالتقطته سريعا دون ان تنظر الى اسم المتصل ربما كانت المشفى او قسم الشرطة او ايا كان من يخبرها بما يزيح تلك الحيرة الثقيلة عن صدرها فتحت المكالمة وهى تلهث فجاءها صوت اجش غليظ قائلا 
مدام ايلينا مساء الخير ياترى اخوكى وحشك لا لسة 
انتفضت واقفة وهى تمسك الهاتف بكلتا يديها هاتفة فى ذعر 
على اخويا انت تعرف هوا فين 
ضحك المتصل فى سخرية 
فى الحفظ والصون مټخافيش بس لحد امتى ده يتوقف عليكى 
اتسع ثغرها فى صدمة لقد اختطف احدهم على من يكون ولماذا 
جاءها صوته المنتشى قائلا 
ها تحبى نتفق ولا مستغنية عن اخوكى 
تحكمت فى ارتجافها وقبضت على الهاتف أكثر 
انت حيوان انا هوديك فى ستين داهية بټخطف طفل كفيف يا حيوان يا حقېر 
قاطعها فى برود 
كدة انا هزعل ومنصحكيش تجربى زعلى 
ضغطت على شفتها السفلى في عجز لتسأله 
انت عاوز منى ايه واخويا ذنبه ايه اللى بتعمله ده حرام عليك والله 
تأفف المتصل قائلا 
هنقلبها صعبانيات ولا نتكلم بالعقل 
مسحت دموعها لتخبره في جدية 
عاوز منى ايه انا مش معايا فلوس تساومنى عليها 
ضحك المتصل قائلا 
ومين قالك انى انا اللى عاوز الباشا الكبير هوا اللى عاوز عاوزك 
تهالكت ارضا فى اڼهيار وهى لاتصدق ما تسمعه اهناك من يساومها على شرفها مقابل حياة اخيها 
بتقول ايه 
رد فى بروده المقيت 
اللى سمعتيه انتى مقابل حياة اخوكى واختارى 
هتفت فى الم ومرارة 
انت حقېر وۏسخ مين ده اللى باعتك 
واضافت بعد لحظات بصوت متحشرج مترقب 
فؤاد صح هوا فؤاد انا هوديك وهوديه فى داهية 
تنهد قائلا 
براحتك بمجرد بس ماتفكرى تقلى بعقلك چثة اخوكى هتكون عندك انتى حرة 
واغلق الخط دون ان يعطها فرصة للرد احتضنت نفسها فى خوف وهى ترتعد وتهتز للامام والخلف كمحاولة للتغلب على ارتجافها المتزايد مرددة كل الابتهالات التى تعرفها 
ماسمعته يعجز عقلها عن استيعابه 
لم تتخيل فى اصعب كوابيسها ان تتعرض له 
كيف يساومها هذا الحقېر بتلك الطريقة 
كيف يستغل طفل كفيف فى خطة كهذه 
ماذا عليها ان تفعل 
نهضت فى تثاقل دالفة الى شقتها 
ارتمت ارضا فى قلة حيلة 
وضعت الهاتف امام عينيها للحظات وابتلعت ريقها فى توتر وهى تدير رقم فارس وبعد عدة محاولات وجدت هاتفه مغلقا 
فكرت فى يوسف ولكنها تراجعت على الفور وهى تتذكر انه خذلها من قبل حين استنجدت به يوم ان تهجم عليها فؤاد ظلت هكذا على وضعها لساعات دون حركة وهى تتخيل ما يمكن ان يلاقيه اخوها الان على ايدى هؤلاء القساة 
سدت اذنيها كأنها تسمع اناته من بعيد وهو يتلقى من قسوتهم ما يرفض حتى خيالها رسمه 
انتفضت على صوت رنين الهاتف مرة اخرى فالتقطته بكف مرتعد ليأتيها صوته البغيض 
ها فكرتى ولا لسة 
انتحبت فى ضعف يعتريها للمرة الاولى فى حياتها
 

49  50  51 

انت في الصفحة 50 من 75 صفحات